المقدمة:
في زمنٍ لا تُقاس فيه الفصاحة بالشهادات، بل بوزن الكلمة ورونق الحرف، وقعت حكاية عج
في زمنٍ لا تُقاس فيه الفصاحة بالشهادات، بل بوزن الكلمة ورونق الحرف، وقعت حكاية عجيبة… بطلها رجل يتقن ما ليس من قومه، ويتحدّى أرباب اللغة في عقر دارهم. لكن كلمة واحدة من طفلة صغيرة كانت كفيلة أن تهدم كبرياءه.
📖 القصة:
كان في أرض فارس رجل شغوف باللغة العربية… أحبها حدّ العشق، درس قواعدها، حفظ أشعارها، تبحّر في لسان العرب حتى صار كلامه أشبه بخطبة منبرية أو قصيدة فصيحة.
وما إن جلس بين العرب، وتحدث بلغتهم، حتى أذهلهم بيانه، وسحرهم ببلاغته. يسألونه دائمًا:
«من أي قبائل العرب أنت؟»
فيبتسم بجرأة مدهشة ويقول بثقة:
«أنا فارسي! وأجيد لغتكم أكثر منكم!»
تكررت المجالس، وتكررت الدهشة… فالفارسِي ليس فقط متمكنًا من العربية، بل كان يستمتع بنظرات الدهشة في عيون العرب.
في يوم من الأيام قال له أحد العرب متحديًا:
«إن كنت كما تدّعي، فاذهب إلى أعرابي مشهور بالفطنة واللغة، فإن لم يكتشف أنك أعجمي… فقد غلبتنا!»
قبل الفارسي التحدي فورًا وبشيء من العُجب… فقد وثق بلسانه أكثر من أي شيء آخر.
وتوجه إلى بيت الأعرابي، طرق الباب، فخرج صوت طفلة صغيرة من الداخل تسأله:
«من بالباب؟»
فردّ بثقة كاملة:
«أنا رجل من العرب، وأريد أباكِ.»
ابتسمت الطفلة بخبث البراءة وقالت عبارتها البليغة:
«أبي ذهب إلى الفيافي، فإذا فاء الفيء، أفاء.»
لم يفهم الفارسي العبارة تمامًا، لكنه تجاهل الأمر وكرر سؤاله:
«أين أبوكِ؟»
فأجابته بنفس الجملة:
«أبي ذهب إلى الفيافي، فإذا فاء الفيء، أفاء.»
احتار… حاول أن يغير السؤال… لعله يحصل على جواب أسهل:
«ومتى يعود والدك؟»
لكن الطفلة أعادت عبارتها ذاتها… بنفس النبرة والثقة والثبات.
بدأ العَرَق يتصبّب من جبينه… فالجملة رغم بساطتها تحمل من البلاغة ما يفوق تدريسه وحفظه.
كانت الأم تراقب المشهد، فسألت ابنتها:
«من بالباب يا ابنتي؟»
فأجابت الطفلة بجملة كالسهم:
«أعجميٌّ على الباب يا أماه!»
هنا… شعَر الفارسي أنّ كل ما حفظه وتفاخر به… تبخر أمام فصاحة طفلة لم تتجاوز العاشرة.
عاد خجلًا لا يلتفت خلفه، وقد تعلّم درسًا قاسيًا:
«اللغة ليست كلمات تُحفظ، بل روح تُولد عليها.»
الدروس المستفادة (SEO Focus)
- 
الكِبر اللغوي قد يكشف جهلًا خفيًا
 - 
الفصاحة ليست حفظ قواعد بل الإحساس بالمفردة
 - 
فطرة العربي لم تُكتسب… بل خُلقت معه
 - 
التواضع يرفع الإنسان مهما بلغ علمه
 - 
براعة الأطفال قد تفوق عقول الكبار
 
📌 ما يجعل هذه القصة خالدة؟
- 
عنصر المفاجأة: طفلة تكشف الحقيقة
 - 
عمق الحكمة: الإتقان لا يلغي الأصل
 - 
سرد قصصي ممتع: مزج بين اللغة والأحداث
 - 
قيمة ثقافية: مكانة العربية بين أهلها
 
الأسئلة الشائعة (FAQ)
1. هل القصة حقيقية؟
القصة تُروى في كتب الأدب العربي كواحدة من طرائف اللغة والفصاحة، وقد تتباين تفاصيلها بين المصادر.
2. ما معنى قول الطفلة؟
«ذهب إلى الصحراء، فإذا حلّ الظل وعاد الليل، سيعود أبي.»
وهو استخدام بلاغي لعبارة:
فاء الفيء = رجع الظل بعد زوال الشمس
3. ما الحكمة من القصة؟
أن اللغة ليست مجرد حفظ… بل إحساس وتعايش وتلقّي بالفطرة.
4. لماذا اكتشفته الطفلة بسرعة؟
لأن التعبير البلاغي العفوي صعب على غير أهل اللغة مهما أتقنوها.
الخاتمة:
قد يتقن الإنسان ألف لغة… لكن لا شيء يضاهي لغة الروح التي يولد بها.
العربية ليست حروفًا تتراص… بل قلبًا ينطق قبل اللسان.
وهذه القصة تذكّرنا أن الفخر الحقيقي ليس في التفوق على الآخرين… بل في التواضع مهما بلغنا من علم.