مقدمة:
في عالمٍ تتصارع فيه القيم، وتمتلئ الأرواح بالحيرة، تبرز قصص الصالحين كنورٍ يضيء العتمة، ويروي عطش القلوب الباحثة عن معنى. ومن هذه القصص الخالدة، تبرز حكاية مالك بن دينار مع اللص، حكاية من نور، تنسج عبرها التوبة والإيمان.
في ظلمة إحدى الليالي الهادئة، تسلل لص إلى بيت مالك بن دينار، العالم الزاهد المعروف. كانت نية اللص أن يسرق شيئًا، لكن المكان كان خاليًا من أي ممتلكات تُغري. أنهى مالك صلاته، ولاحظ وجود اللص، لكنه لم يصرخ أو يغضب، بل نظر إليه بهدوء وقال:
"لم تجد شيئًا من الدنيا، فهل لك رغبة في شيء من الآخرة؟"
تفاجأ اللص من الرد غير المتوقع، وجلس مذهولًا يستمع لمالك وهو يحدثه عن التوبة والآخرة، بكلماتٍ نابعة من قلبٍ طاهر وعقلٍ حكيم. ومع مرور اللحظات، بدأ قلب اللص يلين، وعيونه تدمع، فشعر بشيءٍ مختلف يتسلل إلى داخله... شعور بالأمان والنور.
أخذ مالك اللص معه إلى المسجد، وهناك صليا معًا. عند دخولهم، تعجب الناس وقالوا: "كيف يدخل لص مع عالم؟" فأجابهم مالك مبتسمًا:
"دخل ليسرقنا، فسرقناه."
تغيرت حياة اللص منذ تلك الليلة، وأصبح من أكثر التائبين ملازمة لمالك، بل وتحول إلى أحد أبرز تلاميذه، يسير على نهج الهدى بعد أن كان في ظلمات الذنب.
📌 العبرة من القصة:
كلمة طيبة صادقة، تصدر من قلب نقي، في لحظة صدق، قد تغير مجرى حياة إنسانٍ بالكامل. الحكمة ليست فقط في الكتب، بل في الرحمة التي تسكن القلوب.