دهاء القاضي – قصة لم تُروَ من قبل عن كشف الكذب بالحيلة

 

قاضٍ حكيم يجلس في المحكمة يتأمل في قضية رجلين

📜 القصة: دهاء القاضي.

في بلدة هادئة، كان هناك رجل فقير طلب من صديقه مالًا ليساعده في أمر عاجل، فوعده أن يُسدده في نهاية الشهر. وبالفعل، أعطاه الرجل المال في أحد الزوايا بعيدًا عن أعين الناس، دون إيصالات أو شهود.

مرت الأيام، وحين جاء وقت السداد، فوجئ الرجل المانح بأن صديقه ينكر تمامًا أنه استلم أي مال!

حاول تذكيره، استعطفه، لكن دون فائدة. لم يكن هناك ما يثبت حقه، ولا من شهد الموقف. فاضطر إلى اللجوء إلى المحكمة، طالبًا العدالة.

وقف الرجلان أمام القاضي، شرح المظلوم ما حدث، بينما أنكر الآخر بكل ثقة. لم يكن بيد القاضي دليل، لكن نظرته الذكية لم تُخْفِ عنه ما يشعر به قلب المظلوم.

فكر القاضي للحظات، ثم التفت إلى الرجل المظلوم وسأله:

– "أين أعطيته المال؟"

أجاب بتردد:

– "في الحديقة القديمة خلف المسجد، تحت شجرة الزيتون الكبيرة."

ابتسم القاضي وقال:

– "حسنًا، اذهب إلى هناك وأحضر لي من تراب ذلك المكان، أريد أن أسأله!"

تعجّب الجميع من هذا الطلب الغريب، لكن الرجل صدّق القاضي وذهب على الفور.

وهنا التفت القاضي إلى الرجل الآخر، وسأله بهدوء ماكر:

– "هل تعتقد أنه وصل الآن إلى المكان؟"

رد بسرعة دون تفكير:

– "لا، فالمكان بعيد جدًا ويأخذ وقتًا."

توقّف القاضي لحظة، ثم ابتسم وقال:

– "عجيب! كيف عرفت أن المكان بعيد، إذا كنت تنكر أنك تسلّمت المال هناك أصلاً؟!"

سكت الجميع، وعمّ الصمت أرجاء المحكمة.

فهم الرجل أنه وقع في الفخ، ولم يجد ما يقوله، فقد أقرّ بنفسه بالمكان الذي أنكره.

عندها، قال القاضي بحزم:

– "بناءً على هذا الاعتراف غير المباشر، نثبت أن المال قد دُفع، وأن المدعى عليه كاذب. يُحكم بإرجاع المال فورًا، ويُعاقب على الكذب."


⚖️ الحكمة من القصة:

الحقيقة لا تختبئ طويلاً، والعدل لا يعتمد فقط على أوراق أو توقيعات. في بعض الأحيان، كلمة واحدة غير محسوبة تكشف كذبة كبيرة. القاضي بحيلته الذكية لم يحتج لشاهد ولا ورقة، بل استند إلى ذكاء فطن، ومنطق قوي.


تعليقات