سر النجاح في حكمة الحصى والحطب

 

الشاب وجبل الحصى – طريق الحكمة والثراء

في قرية نائية، بعيدة كل البعد عن صخب الحياة وتعقيد المدن، كان هناك حكيم يُدعى أحمد. كان الرجل معروفًا في أرجاء المنطقة بحكمته العميقة، وقلة كلماته، وقدرته العجيبة على تقديم النصيحة من خلال أبسط المواقف. لم يكن يتحدث كثيرًا، لكن كل كلمة تخرج من فمه كانت كأنها وحي من نور.

ذات صباح مشمس، أتى إليه شاب في مقتبل العمر، وجهه مشرق بالحماس، وعيناه تلتمعان بالأمل، وقال له:

"يا حكيم أحمد، سئمت من الفقر والتعب، أريد أن أكون ثريًا، أريد حياة مريحة، مليئة بالرفاهية والاستقرار. علّمني الطريق."

ابتسم الحكيم ابتسامة غامضة، ودخل إلى كوخه الصغير، ثم عاد يحمل كيسًا مملوءًا بالحصى الصغيرة، وناوله الشاب قائلاً:

"خذ هذا الكيس واصعد إلى قمة الجبل، وهناك اجمع أفضل أنواع الحطب التي تجدها. لكن، في كل مرة تعثر فيها على حطب جيد، عليك أن تتخلص من بعض الحصى من الكيس."

استغرب الشاب من هذه التعليمات، لكنه لم يجرؤ على النقاش، فالمعروف عن الحكيم أن في صمته دروسًا لا تُفهم إلا بالتجربة.

وبالفعل، بدأ الشاب رحلته نحو قمة الجبل، وكان كيس الحصى ثقيلًا بشكل مزعج، جعله يتعثر في صعوده. ومع الوقت، وجد بعض الحطب الصغير، لكنه لم يكن قادرًا على حمله بسبب الثقل. فتذكر كلمات الحكيم، وتخلّى عن بعض الحصى، ثم واصل طريقه. كلما صادف حطبًا أجود، أفرغ من الحصى قليلاً، حتى أصبح الكيس أخف، وصار بإمكانه جمع أفضل الحطب بسهولة.

بنهاية اليوم، عاد الشاب وهو يحمل كيسًا فيه كمية ممتازة من الحطب الجيد، بينما لم يتبقّ من الحصى إلا القليل. ابتسم الحكيم وقال له:

"هكذا هي الحياة يا بُني... لن تصل إلى القمة وأنت مثقل بما لا ينفعك. النجاح لا يكون بما تجمعه فحسب، بل بما تتخلى عنه أيضًا."

🪔 العبرة:

التقدّم لا يعني أن تحمل أكثر، بل أن تتخفف من كل ما يعوقك.


تعليقات