في مساء من أمسيات المدينة التي ينام فيها الناس باكرًا، انعكست أنوار الشوارع على زجاج نافذة منزل سامي، وفجأة اهتزّ صمت المكان برنين الهاتف. سأل سامي بنفس دافئة:
"مرحبًا من عندي؟" جاء الصوت مسرورًا — نبيل، صديق الطفولة، يعلن عن ترحيبه بسهرة عائلية. ثم جاء الطلب غير المتوقع: "هل تستطيع شراء حلوى؟" تردد نبيل لحظة قبل أن يبرر: "اليوم عيد ميلاد ابني، أريد مفاجأته". لم يتردد سامي، خرج واشترى أغلى صنف، ولم يفكّر في ثمنها كثيرًا — فقد كانت فرحة طفل تستدعي التضحية.
بعد جولة من الأحاديث والضحكات، ودّع الضيوف بعبارات دافئة. لكن في قلب سامي بدأ شيء يتكوّن: لماذا لم يعطِ نبيل ثمن الحلوى؟ هل قصد إهانته؟ فاحتدم غضبه حتى ذهب إلى سيارته، يطلق سيل كلمات لاذعة، بينما زوجته تحاول تلطيف أجواءه وتقول: "ربما نسي". عاد للمنزل بوجه شاحب، فتح العلبة ليقسمها للأطفال، فإذا به يجد ظرفًا به نقود ورسالة قصيرة: "علمت أنّك سترفض أن تأخذ المال، فوضعتُه هنا دون أن تعلم. شكرًا لك يا أخي، سامحني على هذه الطريقة." تلاشت كلمات الغضب في صدره وظهر الندم كالصفعة. لم يكن الندم على فقدان مال، بل على قساوة القلب وسرعة الحكم.
تحليل الدرس الأخلاقي والاجتماعي
-
ثِقلُ سوء الظنّ: سوء الظنّ لا يجرح الغير فحسب، بل يثقل النفس ويجعل صاحبَه يعيش حالة شبه مؤجلة من العداوة أو الخيبة — مع أن الحقيقة قد تكون مختلفة تمامًا.
-
قيمة الإدراك البسيط: تصرّف نبيل (وضع المال داخل العلبة سرًا) يعكس احترامه لكرامة سامي ورغبته في إظهار الامتنان دون إحراج. كثيرًا ما تختبئ العلامات الحسنة وراء تصرفات تبدو غامضة.
-
دور الشريكين (زوجة سامي): جاءت الزوجة كصوت رشيد — تذكيرٌ هام بأن من حولنا قد يرون ما لا نراه، وأن الاستماع لوجهات نظر أخرى ينقذنا من الأخطاء.
-
التأني قبل الحكم: التروي قبل إعلان الحكم واجب أخلاقي واجتماعي؛ لأن إطلاق الاحكام يغيّر من واقع العلاقات وقد يقطع الأواصر.
كيف نطبّق العبرة عمليًا؟
-
قبل أن تحكم سريعًا على تصرف شخص ما، اسأل: ما الدليل؟ هل ثمّة تفسير مقبول آخر؟
-
ضع قاعدة وقتية: إذا أثار تصرف ما فيك رد فعل قويًا، امنح نفسك 24 ساعة قبل الرد أو الانتقاد.
-
درّب نفسك على "أسئلة بديلة": بدلاً من "هو يسخر مني"، اسأل "هل قد يكون هناك سبب آخر؟"
-
ممارسة الامتنان: دوّن ثلاث معالم إيجابية لدى من حولك كل أسبوع؛ ذلك يعيد توازن أي ميل إلى التشاؤم.
نقاط تحسين العلاقات باستخدام القصة
-
استخدم هذه القصة كنقطة انطلاق لمحادثات عائلية عن الاحترام والثقة.
-
شاركها مع أصدقاء لتعلم فنون التفاهم وعدم الإسراع في الحكم.
-
علّم الأطفال معنى الامتنان والسرّية الإيجابية من خلال مثال نبيل.