مقدمة:
في زمن بعيد، وبين تلال خضراء وقري صغيرة، كانت تعيش جماعة بسيطة، يجمعهم الترابط والجيرة الحسنة، إلا أن بينهم رجلاً واحدًا خالف العُرف بأفعاله... إنه البخيل الذي لا يُنفق ولا يُشارك، حتى أصبح اسمه مرادفًا للطمع والشُح.
بداية القصة:
في قرية هادئة بعيدة، اشتهر أحد الرجال ببخله الشديد. لم يكن يشارك جيرانه أفراحهم أو أتراحهم، وحتى أبناؤه اشتكوا من حرمانه لهم من أبسط متطلبات الحياة. كان يكنز ماله ويخشى أن يُنقص منه درهمًا، حتى أصبح حديث المجالس، ومثار سخرية كل من يعرفه.
ومع مرور الأيام، بدأ البخيل يشعر بالإحراج. لم يعد يحتمل نظرات الناس وهمساتهم، فقرر أن يقوم بخطوة جريئة علّها تُغيّر نظرتهم عنه.
خطة البخيل:
أعلن ذات يوم عن عزومة كبيرة! نعم، عزومة من البخيل!
أخبر الجميع أنه سيقيم وليمة عامرة بالحساء الشهي، ودعا كل سكان القرية، من صغيرهم إلى كبيرهم. انتشرت الدعوة، وبدأ الناس يتساءلون:
"هل تغير؟ هل تاب عن بخله؟"
يوم العزومة:
اجتمع أهل القرية في ساحة كبيرة، حيث وُضع قدر ضخم فوق النار، وبدأ الحساء بالغليان. العيون تحدق، والأنوف تتحسس الرائحة... لكن لا رائحة!
اقترب أحدهم ليذوق... فإذا بالحساء لا لون له ولا طعم، مجرد ماء فاتر فيه لمحات خجولة من اللحم والخضار.
ساد صمت، تبعه همس، ثم ضحكات مكبوتة.
المفاجأة الجماعية: تقدّم أحد الحاضرين وقال ضاحكًا:
"يبدو أنه حساء صحي جدًا، ولكن ما رأيكم أن نضيف له القليل من بيوتنا؟"
الغريب أن بعض الحاضرين كانوا يتوقعون خديعة، فجاءوا مستعدين:
أحدهم أحضر خبزًا، وآخر لحمًا، وثالث خضارًا، وبعضهم بهارات!
وبدأ الجميع يضيفون إلى القدر... شيئًا فشيئًا، تحول الحساء إلى وجبة شهية متكاملة، تفوح منها الروائح الزكية، واكتسى سطحها بالألوان.
النهاية الطريفة:
أكل الجميع وهم يضحكون، بينما وقف البخيل مذهولًا من المشهد. وعندما انتهوا، قال أحدهم بسخرية لطيفة:
"حقًا كانت عزومة لا تُنسى، خصوصًا أننا نحن من طهى الطعام!"
العبرة:
من أراد أن يراوغ الناس خُدع بنفسه، أما التعاون، فبوسعه أن يُغني الفقير ويُسعد الجميع.