درس التلميذ المغرور — حكاية المعلّم الذي لا يُهزم

 

المعلم والتلميذ في نزال الفنون القتالية وسط حضور كبير.

المقدمة:

في عالم يملؤه الطموح والقوة، يتوه الإنسان بين ظلال العظمة ومرايا الغرور. وحين يظن أنّه بلغ القمة، قد تفضحه حركة صغيرة لم يتقنها بعد. هذه حكاية عن غرور تلميذ وحكمة أستاذ، وعن درس لا يعلّمه الزمن إلا مرة واحدة.

علّمه الزمن إلا مرة واحدة.

 القصة:

في قديم الزمان، كان هناك رجل بارع يعرف ثلاثمائة وستين حركة من حركات الفنون القتالية. تخرّج من بين يديه العديد من التلاميذ، وكان أحدهم قد أتقن 330 حركة بجدارة، حتى فاق رفاقه وذاع صيته بين الناس، يحقق البطولات ويجمع حوله المعجبين.

ومع تتابع الانتصارات، ملأ الغرور قلبه حتى بدأ يظن أنه أقوى من الجميع، بل وحتى من أستاذه نفسه. وفي إحدى النزالات، سأله أحد المعجبين عن رأيه في مدربه، فأجاب بكبرياء:
"إنه مصارع عظيم، ولكنني أقوى منه."

انتشر الكلام كالنار في الهشيم، وانقسم الناس بين معجب بالأستاذ ومؤيد للتلميذ. وحين وصل الخبر إلى المعلم، شعر بخيانة وقلة احترام، فقرر أن يلقّن تلميذه درساً لا ينساه.

حدد الزمان والمكان، واجتمع الناس لمشاهدة النزال المنتظر. دخل التلميذ الحلبة مندفعاً كالثور الهائج، بينما تقدّم الأستاذ بخطوات واثقة. استخدم التلميذ كل ما يعرفه من حركات، لكن المعلم كان يصدّها واحدة تلو الأخرى ببراعة مدهشة.

تعب التلميذ وأرهقه العجز، وهنا كشف الأستاذ عن الحركة الأخيرة التي لم يعلّمها له من قبل. طرحه أرضاً بقوة، حاول التلميذ النهوض، فأعاده إلى الأرض مرة أخرى. تكررت المحاولة بلا جدوى حتى استسلم التلميذ.

تقدّم السلطان، وكرّم المعلم بقلادة ذهبية على حكمته وبراعته، بينما انحنى التلميذ خجلاً من غروره. قال التلميذ: "لقد غلبني أستاذي لأنه أخفى عني إحدى الحركات." فرد الأستاذ بهدوء:
"احتفظت بها لهذا اليوم، لم أرغب أن يكون تلميذي خصماً لي."

الحكمة:

مهما بلغت من العلم والمعرفة، تذكّر دائماً فضل من علّمك. فالوفاء والاحترام هما تاج العلم وذروة الأخلاق.

التحليل والدروس المستفادة:

  1. الغرور عدو النجاح: لا يقتل الطموح إلا الغرور، فهو يحجب البصيرة ويهدم كل إنجاز.

  2. فضل المعلّم لا يُنسى: التعليم رسالة، ومن ينكر فضل المعلّم يفقد بركة العلم.

  3. التواضع زينة القوة: لا قيمة لقوة بلا تواضع، فالقوي حقاً هو من يحترم من سبقوه.

  4. الحكمة فوق المهارة: مهما أتقن التلميذ من حركات، سيظل عقل وخبرة المعلّم في كفة أثقل.

❓ الأسئلة الشائعة (FAQs)

س: هل القصة حقيقية أم من التراث؟
ج: القصة من التراث القصصي الشعبي تحمل حكمة رمزية، وليست رواية تاريخية مثبتة.

س: ما المغزى التربوي للقصة؟
ج: ترسيخ قيم الوفاء والتواضع، والتنبيه من خطورة الغرور الذي قد يهدم صاحبه.

س: لماذا أخفى المعلم الحركة الأخيرة عن التلميذ؟
ج: لأنه لم يرغب أن يواجهه كخصم في يوم من الأيام، لكنه استخدمها ليعلمه درساً في الوفاء.

س: كيف يمكن تطبيق الحكمة في حياتنا اليومية؟
ج: بتذكر فضل الوالدين والمعلمين وكل من أسهم في نجاحنا، وعدم إنكار دورهم مهما حققنا من إنجازات.

الخاتمة:

القوة الحقيقية لا تُقاس بعدد الحركات التي يتقنها المرء، بل بمقدار ما يحتفظ به من تواضع ووفاء. التلميذ المغرور خسر نزاله، لكنه ربح درساً أعظم: أن الأستاذ سيبقى دائماً الأصل، وأن كل علم بلا احترام يتحوّل إلى ضعف.

تعليقات