الصرح الممرد من قوارير: سرّ انبهار ملكة سبأ ولماذا كشف القرآن عن تلك اللحظة

 

انبهار ملكة سبأ بالصرح الممرد


🌿 القصة الجديدة: سرُّ لحظةٍ خالدة — لماذا كشفت ملكة سبأ عن ساقيها؟

 المقدمة:

لحظة واحدة قد تغيّر مصير إنسان. حركة عفوية بسيطة قد تسجَّل في التاريخ، لا لأنها خطأ، بل لأنها تكشف عن عمق الفطرة. من بين قصص القرآن التي تجمع بين الفن الإلهي والرمز الإنساني، تبرز تلك اللحظة المدهشة: عندما كشفت ملكة سبأ عن ساقيها دون قصدٍ أمام نبي الله سليمان. لماذا سجّل القرآن هذا المشهد؟ وما المعنى الأعمق خلفه؟

 القصة:

في زمنٍ بعيد، كانت ملكة سبأ تحكم مملكة غنية وقوية، رمزًا للحكمة والدهاء والسيادة. وعندما بلغها خبر نبي الله سليمان عليه السلام، الذي سخر الله له الجنّ والإنس والطير، تساءلت عن صدق نبوّته وعن سلطانه العظيم.

لم تكن امرأةً عادية؛ بل كانت حاكمةً بعقلٍ ناضج، تعرف كيف تزن المواقف بعقلٍ لا بعاطفة. لذلك، حين وصلها كتاب سليمان يدعوها إلى عبادة الله وحده، لم تثُرْ ولا استكبرت، بل قالت لقومها:

"يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرًا حتى تشهدون."

فقررت الذهاب إليه بنفسها، لا لتغريه بأنوثتها، بل لتتفاوض من موقع القوة. كانت امرأةً محتشمة في لباسها، تعرف مقامها وهيبتها.

وعندما وصلت إلى قصر سليمان، رأته بصرحٍ عجيب، هندسة لم ترَ مثلها من قبل. أرضٌ من زجاجٍ صافٍ تجري تحته المياه، حتى خُيّل إليها أنه بحرٌ من لجّةٍ عميقة.

ومن فرط الدهشة والإنبهار، كشفت عن ساقيها ظنًا منها أنها تخوض في ماءٍ حقيقي. لم يكن ذلك عرضًا ولا جرأة، بل كان ردّ فعلٍ فطريًّا نابعًا من اندهاشها.

عندها قيل لها:

"إنه صرحٌ ممردٌ من قوارير."

ففهمت في تلك اللحظة أنها ليست أمام رجلٍ عادي، بل أمام نبيٍّ مؤيّدٍ بمعجزةٍ ربانية. وهنا لم تتردد، بل قالت في خشوع:

"قالت ربِّ إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين."

كانت لحظة انكشاف ساقيها انكشافًا للحق أمام بصرها وبصيرتها. فكما انكشف جسدها دون قصد، انكشف قلبها للحقيقة دون مقاومة.

تحليل رمزي ومعنوي:

1. لماذا سجّل القرآن هذه الحركة؟

لأنها لم تكن تفصيلًا جسديًا، بل لحظة إنسانية كاشفة، جمعت بين الانبهار، الفطرة، والحياء. القرآن الكريم لا يسجل حدثًا إلا لغايةٍ سامية. أراد الله أن يُظهر أن الحياء فطرةٌ فطرية، حتى في لحظة اندهاشٍ أو سهو.

2. ملكة بعقل لا بجسد

لم تأتِ لتغري نبي الله بأنوثتها، بل جاءت تحاور وتفكّر وتبحث عن الحقيقة. إنها رسالة للمرأة في كل زمان: قوة المرأة في فكرها، لا في مظهرها.

3. الانبهار بالعقل والإبداع

صرح سليمان لم يكن استعراضًا للترف، بل تجسيدًا لمعجزةٍ هندسيةٍ تُدهش العقول. أراد سليمان أن يُريها أن القوة ليست في الذهب والجنود، بل في الحكمة والعلم.

4. الحياء جمالٌ فطري

القرآن حين قال:

"وكشفت عن ساقيها"
أثبت أن الأصل في المرأة الستر والعفاف، وأن هذا الكشف كان استثناءً عفويًا، يؤكد القاعدة ولا ينقضها.

5. الإيمان بعد الإدراك

لم تسلم ملكة سبأ خوفًا ولا مجاملة، بل اقتناعًا بالعقل بعد رؤية الدليل. لذلك كانت من أندر المواقف التي سجل فيها القرآن تحولًا فكريًا راقيًا بعد تجربةٍ واقعية.

الدروس المستفادة:

  • العقل قبل العاطفة: قرارات ملكة سبأ نموذجٌ للحكمة والتفكير الجماعي.

  • الفطرة لا تموت: رغم كفرها، لم تفقد حياءها الفطري.

  • العلم والخلق معًا: صرح سليمان جمع بين الجمال والإعجاز العلمي.

  • الحياء زينة المرأة: كشف القرآن عن ساقيها ليُثبت أن الأصل كان الستر.

  • الإيمان اختيارٌ عقلي: دخولها في الإسلام كان قناعةً حقيقية بعد فهمٍ عميق.

💬 الأسئلة الشائعة (FAQs)

س: لماذا ركّز القرآن على لحظة كشف الساقين؟
ج: لأن هذه اللحظة جسّدت الفطرة والدهشة معًا، ولأنها كانت فعلًا غير مقصودٍ يعكس طهارة الفطرة الأنثوية، لا الانكشاف المتعمد.

س: هل في القصة دلالة على أن الحياء فطرة إنسانية؟
ج: نعم، فالآية توضح أن الحياء ليس خُلقًا مكتسبًا فقط، بل هو طبيعة مغروسة حتى في غير المسلمة قبل الإيمان.

س: لماذا استخدم سليمان هذا الصرح الزجاجي؟
ج: ليُظهر عظمة الخالق من خلال الإبداع الهندسي، وليختبر إدراك ملكة سبأ لعظمة الله لا لجمال الدنيا.

س: ما الدرس للنساء اليوم؟
ج: أن الجمال الحقيقي في العفة والستر والذكاء، لا في الإغراء أو الزينة الزائدة.

س: ماذا نتعلم من إسلام ملكة سبأ؟
ج: أن الإيمان لا يأتي بالإجبار، بل بالقناعة والبرهان. وأن لحظة صدقٍ مع النفس قد تغيّر حياة بأكملها.

الخاتمة:

القصة ليست عن ساقين كُشفتا، بل عن قلبٍ انكشف للنور. ملكة سبأ لم تخسر حياءها في لحظة الانبهار، بل وجدت من خلالها طريقها إلى الإيمان.
وما أجمل أن يختم الله القصة بقولها:

"أسلمت مع سليمان لله رب العالمين."

فالحياء فطرة، والعفة جمال، والإيمان قرارٌ نابع من القلب حين يبصر الحقيقة.
اللهم جمل نساءنا بالستر والعفاف، وزيّن رجالنا بالحكمة والإيمان.

تعليقات