المقدمة:
في بلدٍ يُقال إنه أرض العدالة والحرية، كانت هناك طفلة صغيرة وقفت أمام المشنقة، لا تعرف معنى الموت بعد، ولكنها تعرف جيدًا معنى الخوف.
كيف تحوّلت يد بريئة لم تعرف الحياة بعد، إلى قاتلة تُعدم على مرأى من الجميع؟
هذه ليست قصة خيال… بل صفحة مظلمة من تاريخ الإنسانية.
القصة:
الطفلة التي علّقها القدر على المشنقة.
في عام 1786، دوّت في الولايات المتحدة الأمريكية قضية غريبة ومؤلمة في آن واحد، قضية هانا أوكويش، الطفلة ذات الاثني عشر عامًا، التي أصبحت لاحقًا أصغر شخص يُعدم في تاريخ أمريكا.
وُلدت هانا عام 1773 في بلدة "غروتون"، لأسرة فقيرة من أصول أفريقية وهندية، وعاشت طفولة مليئة بالقسوة والإهمال. والدتها كانت مدمنة على الكحول، وبيتها لم يعرف معنى الحنان.
في سن السادسة فقط، تورّطت هانا مع شقيقها في حادثة اعتداء على فتاة أخرى أدت إلى شللها الدائم، فتم فصلهما ووُضعا كخدم في منازل مختلفة.
وهكذا بدأت مأساة طفلة لم تعرف سوى العمل والحرمان.
بداية الحكاية:
في أحد الأيام، بينما كانت هانا تعمل خادمة عند سيدة أرملة في إحدى القرى، شاهدتها الطفلة يونيس بولز، ابنة مالك أراضٍ ثري، وهي تسرق بعض حبات الفراولة من الحقل.
ركضت يونيس وأخبرت الكبار بما رأت، فغضبوا واعتدوا على هانا بالضرب، رغم إنكارها للتهمة.
ذلك الإذلال أشعل في داخلها نار الانتقام، نار لم تعرف الطفلة كيف تطفئها إلا بفعلٍ مأساوي.
جريمة لم يتخيلها أحد:
في صباح 21 يوليو 1786، عثر المسافرون على طريق لندن – نورويتش على جثة طفلة صغيرة مغطاة بالحجارة بجوار سور حجري.
اعتقدوا في البداية أنها دمية مرمية، ولكنهم صُدموا عندما اكتشفوا أنها جثة يونيس بولز.
كانت جمجمتها مهشمة وظهرها مكسورًا، وقد بدا المشهد وكأنه "حادث عرضي" نتيجة سقوط الحائط عليها.
لكنّ المحققين لاحظوا أن كل شيء مدبّر بعناية.
⚖️ التحقيق والاعتراف
بدأت السلطات التحقيق، وكان أول من تم استجوابه هي هانا أوكويش.
قالت إنها رأت أربعة فتيان يتصرفون بطريقة مريبة بالقرب من الحائط، وأنها صرخت فهربوا، ثم سمعت صوت سقوط الجدار.
لكن لم يُعثر على هؤلاء الفتيان مطلقًا.
أعاد المسؤولون استجواب هانا مرة أخرى، وهنا انهارت واعترفت بالجريمة كاملة.
كانت قد جذبت يونيس إلى المكان بحجة اللعب، ثم ضربتها وسحبتها إلى الجدار وأسقطت عليها الحجارة.
المحاكمة:
أُدينت هانا بالقتل من الدرجة الأولى.
لكن الغريب أن المحكمة كانت أشبه بمسرحية قاسية: طفلة صغيرة تجلس في قفص الاتهام، تبتسم أحيانًا، وتحادث الحاضرين ببراءة، وكأنها لا تدرك فداحة ما يجري حولها.
ربما لم تكن تفهم معنى "الإعدام" أصلًا.
حكم القاضي عليها بالإعدام شنقًا.
بكى بعض الحضور، بينما بقي وجهها خاليًا من الفهم.
لكن مع اقتراب اليوم الموعود، بدأت ملامح الخوف تظهر عليها، فكانت تبكي طوال الليل والنهار قبل التنفيذ.
🕯️ النهاية المؤلمة
في 19 ديسمبر 1786، احتشد الناس لمشاهدة إعدام الطفلة.
كانت هانا ترتجف من الخوف وتبكي بحرقة.
وفي لحظاتها الأخيرة، نظرت حولها بعيون دامعة، كما لو كانت تنتظر أن يأتي أحد ليمنع ما سيحدث.
لكن لم يأتِ أحد.
وبعد لحظات، سقط جسدها الصغير من منصة المشنقة، ودخلت التاريخ من بابٍ أسود لا يليق بالأطفال.
حينما تموت العدالة:
لم تكن هانا وحدها المذنبة، بل كان المجتمع بأسره شريكًا في الجريمة.
طفلة لم تتلقَّ تعليمًا، ولم تجد حضنًا، ولم تُمنح فرصة للفهم أو التوبة.
ومع ذلك، عوقبت كأنها وحش بالغ.
حينما تُعلّق الطفولة على المشنقة، تسقط العدالة من عرشها.
العبرة والمغزى
قصة هانا ليست عن الجريمة، بل عن الظلم والقصور الإنساني.
إنها درس للعالم أجمع بأن العدالة لا تُبنى على الانتقام، بل على الفهم والرحمة.
فالطفولة لا تُحاسب بالمشانق، بل تُنقذ بالتربية والرحمة والتعليم.
اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد.
الأسئلة الشائعة (FAQs):
1. من هي هانا أوكويش؟
هانا أوكويش هي فتاة أمريكية من أصول أفريقية وهندية، أُعدمت عام 1786 وهي في الثانية عشرة من عمرها بتهمة قتل طفلة صغيرة.
2. ما سبب الجريمة؟
قامت هانا بالجريمة بدافع الغضب والانتقام بعد تعرضها للضرب والإهانة بسبب اتهامها بسرقة الفراولة.
3. لماذا تعتبر قصتها مأساوية؟
لأنها كانت طفلة لا تدرك معنى الجريمة ولا حجم العقوبة، وأُعدمت رغم قصورها العقلي وصغر سنها.
4. هل كانت العدالة منصفة في قضيتها؟
لا، فالمحاكمة كانت قاسية وغير عادلة، إذ لم تُعامل كطفلة تحتاج للعلاج والرعاية، بل كقاتلة ناضجة.
5. ما الدرس المستفاد من القصة؟
أن العدالة الحقيقية لا تكون في العقاب فقط، بل في الفهم والرحمة، فليس كل مذنبٍ شرير، خاصة إذا كان طفلاً.
الخاتمة:
قصة هانا أوكويش تذكرنا بأن التاريخ لا ينسى ظلم الأبرياء، وأن الطفولة حين تُدان، يُدان معها ضمير البشرية.
ربما ماتت هانا صغيرة، لكنها تركت أثرًا لا يموت، أثرًا يهمس في كل جيل:
لا تُحاكموا الطفولة بالمشانق، بل بالرحمة التي تستحقها.